الأهلي كابيتال: ارتفاع أسعار الأغذية في العالم خطر يهدد شركات الأغذية السعودية

2011/12/20 أرقام

أعربت الأهلي كابيتال، مستشار الثروات الرائد وأكبر مدير للأصول بالمملكة، عن اعتقادها بأن المملكة العربية السعودية لا زالت معرضة لارتفاع أسعار المواد الغذائية نتيجة لاعتمادها الكبير على الاستيراد وعدم القدرة على إيصال ارتفاع التكاليف للمستهلك مما سيتسبب في المزيد من الضغط على هوامش شركات المواد الغذائية.

وفي تقرير جديد يحلل أثر تضخم أسعار الأغذية العالمية على قطاع الأغذية السعودي، أوضحت الأهلي كابيتال أن أسعار الأغذية العالمية ارتفعت بشكل كبير في الفترة 2007-2008 إلى جانب الاثني عشر شهراً الماضية نتيجة لأسباب هيكلية مختلفة من ضمنها: تزايد الطلب، وارتفاع استخدام المحاصيل الغذائية كوقود حيوي، وانخفاض مكاسب الكفاءة من حيث استخدام الأراضي. ويقول السيد فاروق مياه، رئيس إدارة أبحاث الأسهم المكلف في الأهلي كابيتال "على الرغم من توقعاتنا بانخفاض أسعار الأغذية خلال عام 2012، إلا أننا نعتقد أن التضخم سيستمر في السنين القادمة." هذا وتعتقد منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو) أن متوسط أسعار السلع الأساسية سيزداد خلال العقد القادم 15-30%. وبالتالي، فمن المتوقع أن يكون تضخم أسعار الأغذية سائداً.

ويشير التقرير إلى أن السعودية تعتمد بشكل كبير على استيراد المواد الغذائية لتلبية متطلباتها، ومن المتوقع تضاعف استيرادها للمواد الغذائية إلى 132 مليار ريال مع حلول العام 2020م من 63 مليار ريال في العام 2010. ومن المتوقع أن يستمر الاعتماد على الواردات نظراً لمحدودية الإنتاج المحلي للمحاصيل بسبب شح المياه وعدم ملائمة الظروف المناخية. ومع أن سياسة الحكومة بين عامي 1970 و 1990، كانت تهدف إلى الاكتفاء الذاتي من المحاصيل الأساسية، إلا أن هذا قد تغير حيث أن الهدف الحالي هو العمل مع الدول ذات الأراضي الخصبة والتي تفتقر إلى الاستثمارات المالية للاستفادة من ذلك.

وأوضح السيد مياه "إن أي ارتفاع في أسعار الأغذية العالمية سيشكل مصدر قلق لشركات الأغذية السعودية نتيجة لتعرضها واعتمادها على هذه المواد الأساسية. وقد أثر الارتفاع الأخير في أسعار الأغذية العالمية بشكل كبير على ربحية المراعي و صافولا، أكبر الشركات المدرجة في قطاع الأغذية السعودي. وقد انخفضت هوامش كلتا الشركتين في 2008 و2011 بمعدل 200 نقطة أساس على أساس سنوي نتيجة لارتفاع تكاليف المواد الخام. وتساهم تكلفة البضاعة المباعة بنسبة كبيرة من إجمالي إيرادات المراعي ( 61%) و صافولا (84%)."

وبوجه عام، تمكنت شركات الأغذية السعودية تاريخياً من تمرير تضخم التكاليف إلى المستهلك. إلا أنه مع الارتفاع النسبي للتضخم السعودي فستمنع الحكومة تمرير زيادة الأسعار إلى المستهلكين. ففي يوليو 2011، زادت المراعي سعر عبوة الحليب (2لتر) من 7 ريال إلى 8 ريال إلا أنها أجبرت بعد أسبوع واحد على التخلي عن هذه الزيادة بسبب تدخل الحكومة. وإذا كانت هذه إشارة لتغيير سياسة الحكومة، فهذا سيصعب على شركات الأغذية تمرير التضخم إلى المستهلك النهائي، مما يضعف الهوامش الربحية. وفي هذه الحالة، يجب على الشركات أن تكون مبتكرة وفعالة في طريقة استخدامها للمواد الخام، بالإضافة إلى خفض التكاليف في بنود أخرى وذلك من أجل الحفاظ على هامش الربحية.

وتعتقد الأهلي كابيتال أن ارتفاع أسعار الأغذية العالمية يشكل مصدر قلق لشركات الأغذية السعودية. حيث بلغت التكلفة المباشرة للمواد الخام في شركة المراعي حوالي 42% من الإيرادات (68% من تكلفة السلع المباعة)، وتشكل المكونات الخام 42% من نفقات التشغيل، تليها تكاليف متعلقة بالأعلاف (33%) وتكاليف التغليف (25%). كما أن استدامة الهوامش تشكل قلقا نتيجة للارتفاع الأخير في تكاليف السلع والمواد الخام. إضافة إلى ذلك، فالقيود على رفع أسعار المنتجات النهائية تمنع المراعي من تمرير هذا الارتفاع للمستهلكين. وقد شهدت المراعي انخفاضاً في هوامش الربحية بالرغم من معدل النمو السنوي المركب 26.4% في الإيرادات خلال الفترة 2005-2010 (مدعوماً بارتفاع النفقات الحكومية ومستويات الدخل).

وقد وفرت المعونات الحكومية بقيمة 212 مليون في الفترة 2008-2010 بعض الارتياح للمراعي، إلا أن ارتفاع أسعار الأغذية دعا إلى تدابير أخرى للسيطرة على التكاليف واستدامة الهوامش. بالتالي، ركزت المراعي على تحسين الكفاءة والتوسع إلى المنتجات مرتفعة الهوامش مثل المخبوزات، والعصائر، والدواجن.

وقد أعلنت مؤخراً خططا لإنفاق 4 مليار على أعمال متقدمة لتجهيز وتغليف الدواجن. ومع تزايد معدلات النمو وارتفاع الحصة السوقية، أصبح قسم الدواجن وقسم المخبوزات أهم أقسام شركة المراعي. و بحلول 2013، من المتوقع أن ترتفع مساهمة الدواجن والمخبوزات في إجمالي المبيعات إلى 9.3% و 13.2% على التوالي من 3.2% و 11.8% في 2010. ومن ناحية أخرى، من المرجح أن تنخفض مساهمة قطاع الألبان الطازجة في إجمالي المبيعات إلى 39.9% من 45.7% في 2010.

أما بالنسبة لقسم العصائر، فإن ارتفاع تكلفة المواد الخام قد تضر بالإيرادات، حيث أن معظم المواد الأساسية مستوردة (مثل لب الفاكهة). وقد اتخذت المراعي تدابير مختلفة للسيطرة على التكلفة من خلال تقنيات التغليف المتطورة (بما فيها الاستخدام الفعال للمواد الخام) والمبادرات الضخمة في السوق. وسيمرر ارتفاع التكاليف هذا بشكل غير مباشر للمستهلك.

وكذلك بالنسبة لشركة صافولا، حيث يعتبر ارتفاع أسعار الأغذية العالمية أكثر تأثيراً على الشركة. فقد شكلت تكلفة المبيعات حوالي 84% من الإيرادات، وتعتمد صافولا بشكل كبير على الاستيراد لتلبية متطلباتها من المواد الخام. وبالرغم من أن شركة صافولا ستستفيد من الانخفاض في أسعار الأغذية في السنة القادمة، إلا أن أي ارتفاع في أسعار المواد الخام مثل زيت الطعام والسكر سيؤثر سلباً على الهوامش. وقد بلغ متوسط مؤشر السكر لمنظمة الأغذية والزراعة 378 لعام 2011 مقابل 302 في عام 2010 (بارتفاع بنسبة 24%). إضافة إلى ذلك، ارتفع متوسط مؤشر الزيت لمنظمة الأغذية والزراعة بنسبة 31% مقابل متوسط العام الماضي. وقد شهد قسم التجزئة في الشركة ضغوطاً هامشية نتيجة لارتفاع تكاليف الشراء المتعلقة بالمنتجات الغذائية.

ويشير هنا التقرير بأن الاختلاف في أسعار السكر الخام والمكرر يشكل ضغطا على قسم السكر في الشركة. وتستخدم صافولا السكر الخام كمادة أساسية لتحويلها إلى سكر مكرر. وبالتالي، فأي انخفاض في سعر السكر المكرر عن سعر السكر الخام سيضغط على الهوامش.

وتشكل القيود على ارتفاع أسعار المنتجات (تمرير ارتفاع تكلفة المواد الخام للمستهلك) تحدياً كبيراً بالنسبة لصافولا ( في أقسام التصنيع والجملة والتجزئة). كما تشكل حصة صافولا في المراعي والبالغة 28% ضغطاً إضافياً على الهوامشوذلك بسبب تعرضها لقسم الألبان الذي يواجه هو الآخر ضغوطات هامشية نتيجة لارتفاع أسعار المواد الخام.

هذا وتواجه الحكومة السعودية عدداً من التحديات للحد من التضخم في ظل ارتفاع أسعار الأغذية العالمية، حيث تشكل المواد الغذائية 26% من إجمالي نفقات المستهلك في السعودية، وبالتالي فأي ارتفاع في أسعار الأغذية سيؤثر على التضخم الكلي في السعودية. و لمواجهة هذا التحدي اتخذت الحكومة العديد من التدابير.

وقد تابعت الحكومة باهتمام أسعار المواد الغذائية الأساسية مثل: الشعير والحليب والقمح والسكر والدقيق، وذلك عن طريق التفتيش المستمر وفرض العقوبات على تجار التجزئة الذين يقومون برفع الأسعار دون سبب. كما قامت الحكومة في مايو 2011 بمعاقبة 10 مستوردين للشعير بسبب تسعيره أعلى من هامش الربح المحدد من قبل مجلس الوزراء. أخيراً، قدمت الحكومة السعودية معونات لشركات الأغذية للتخفيف من ارتفاع تكلفة المواد الخام. ويشير تقرير الأهلي كابيتال هنا إلى أن هذه المعونات قد توفر بعض الارتياح إلا أنها غير كافية لاستيعاب ارتفاع أسعار المواد الخام بشكل تام، مما يلقي بالمزيد من الضغط على هوامش شركات الأغذية.

ويختتم السيد مياه بالتأكيد على أن "بعض التدابير المذكورة منعت الشركات من تمرير ارتفاع الأسعار بشكل كامل للمستهلك، مما مكن الحكومة السعودية من تحديد التضخم الغذائي إلى 5.4% في أغسطس 2011 بالرغم من ارتفاع أسعار الأغذية العالمية بنسبة 26% (حسب مؤشر أسعار الأغذية لمنظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة."

تعليقات {{getCommentCount()}}

كن أول من يعلق على الخبر

{{Comments.indexOf(comment)+1}}
{{comment.FollowersCount}}
{{comment.CommenterComments}}
loader Train
عذرا : لقد انتهت الفتره المسموح بها للتعليق على هذا الخبر
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي بوابة أرقام المالية. وستلغى التعليقات التي تتضمن اساءة لأشخاص أو تجريح لشعب أو دولة. ونذكر الزوار بأن هذا موقع اقتصادي ولا يقبل التعليقات السياسية أو الدينية.